ولجريمة الصمت ثمن

ولجريمة الصمت ثمن

لمّا كنت أنا أنا حاولت أن أكون إنسانا ....ولكنني لم أكن...
لا تثر حفيظتي ودعني أنبئك بأنني أقرأ في عينيك صدى الأنين ’ وأن تلكم الأخاديد التي حفرت على محياي سببها أوجاع ألآمي التي تمخر عباب بحر فؤادي لتجعل حقيقتي مجرد أضغاث أحلام ’ وأن البذور التي أُؤتمنت عليها زمنا وزرعتها فما كان سقيها إلا من برك الأوهام ’ لهذا تراها وجذورها هشيما تذروه الرياح....
فيا حسرتي على ما فرطت في جنب ربي ’ ويا ويحي من ذاك التهاون والخنوع لصوت قلبي...ويا أسفي على لسان به عقدة الصمت لازمتني فأقعدتني عن القيام..
وهذا ثمن جريمة الصمت الذي أسدد مخلفات سكوتي إليك إياه يا قاضي الأحكام
يوما ما كنت على الشاطئ الجنوبي أُلوّح لولدي حسام أن يحذر ما في بطون الحيتان من ألغام ’و كأني به لم يسمع ولم يع فقه كلامي ’ فراح يسبح عكس إتجاه الرياح فغاب ظله وطفا فوق الماء عربون أسقامي...
وفي ذات المساء من اليوم نفسه وحين كانت خديجة تلاعبني وأداعبها ’ شددت على خصلات شعرها الأسود الطويل المسترسل ولسان حالي يقول: ما أبهاك صغيرتي كأنك أنت هي وهي أنت ’ أنت صورتها الحقيقية ..
نظرت إليّ البنية وفي حدّقت مليا وقالت : صورة من تعني أبتي؟
لم أجد ردا ففي التفاصيل يكمن الفتيل ’ لذا عن الكلام صُمت و بالصّمت التحفت
إكتفيت بإصطناع إبتسامة ... إبتسامة وجدت طريقها إلى نفسها المطمئنة البريئة أجل بريئة .... براءة أمها التي لم أر لها في البلاد شبيهة ...والتي في السويداء نُقش اسمها ورسمها وعلى الكبد حنانها وعطفها وإخلاصها ووفاؤها’ كلهم جميعا أرعاهم وأسقيهم وأصونهم حتى يأذن الله لي بالرحيل .
لذا لذت بالصمت وقد طال صمتي ’ حتى ملّني فأقدمت على أمر كان حتما عليّ أن أفعله ففعلته وكان ثمنه باهضا موجعا ’ إنه ثمن جريمة الصمت’ وقد توفرت أركانه الأربعة منذ أربع سنوات خلت إلاّ عاما.. فيها نما وقُتل الأمل ’ فيها جمعت البذور وفيها حصدت الفشل .. قُطع الحبل فنزلت من على قمة الجبل’ وعلى حبات الرمل أرخيت خطام الجمل ’ حطم القلم وسقت أديما آخر قطرات المداد حوض الحروف فلم أعد أكتب شيئا وشيئا لم أقل...
ما ذا أقول للثلاثة وأم غائبة .. كيف أخاطب حسام الدين وشقيقه صلاح الدين والصغيرة خديجة مولودة المهذبة ..؟ هذه أيامي التي قضيتها وقد علمت ما فيها

ولا علم لي بما في غد ’ هل القاهم مرة و إياها..؟
شمس تشرق وأخرى تغرب ’ هذا صدق لا رياء ولا تملق ألآ صبرا وتمسكا يا قلب بحبل الله المتين ودوما استذكر واعتصم بالله فأمره واقع غالب...
الله المستعان.