يعد 19 مارس 1962 – تاريخ توقيف القتال بالجزائر بعد التوقيع الرسمي على اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962- عيدا لانتصار الشعب الجزائري، بعد جهاد وكفاح مرير دام قرنا وثلث القرن ضد المحتل الغاصب.
ومما جاء عن هذا اليوم في جريدة المجاهد (20 مارس 1962) هذا نصه:” شهر مارس شهر الشهداء، تحيي فيه ذكرى أبطالنا الخالدون أمثال: مصطفى بن بولعيد، والعربي بن مهيدي، عميروش، سي الحواس، لطفي، الطاهر فراج … الذين افتدوا حرية الجزائر بحياتهم الغالية واستشهدوا في ميدان الشرف في مثل هذا الشهر.
وشهر مارس شهر الحرية في المغرب العربي، فيه نالت تونس والمغرب استقلالهما، وفيه يشرق اليوم على الجزائر فجر الحرية والسلم والاستقلال. وكانت مصادفات الأقدار قد جعلت عددا كبيرا من أبطال ثورتنا يستشهدون في مثل هذا الشهر حتى أطلق عليه شهر الشهداء، ثم شاءت الأقدار مرة أخرى أن يحتفل المغرب العربي بأعياد حرية أقطاره الثلاثة في نفس هذا الشه، فإنه ليس من قبيل التلاعب بالألفاظ أن نرى في ذلك شيئا أعمق من مجرد المصادفة.
إن اقتران حرية الجزائر بذكرى الشهداء وبحرية المغرب العربي كله هو رمز عميق، بعيد الأثر في تاريخنا ومستقبلنا، إنه رمز خالد للرباط المقدّس بين الحرية وثمنها العظيم والوحدة وأساسها الروحي والمادي الثمين.
إن الحرية التي كتبت بدماء الشهداء هي الحرية الحقيقية، الحرية المطلقة، الحرية التي نلناها فعلا وارتبطنا بها وارتبطت بنا قبل الإعلان الرسمي عن ميلادها. فقد اكتسبناها وأعطتنا روحها يوم صرنا قادرين على تقديم أرواحنا قربانا لها وسقيناها بدم الشهداء”
لقد أكدت الأحداث التاريخية حتمية الاعتراف والتنويه بحكمة ودهاء أعضاء الوفد الجزائري الذي قاد المفاوضات مع السلطات الاستعمارية بحنكة سياسية، واستطاع أن يفرض نفسه كمفاوض شرعي ووحيد للشعب الجزائري، كفء ومستقل في قراره السياسي، رشيد في تعبيره عن إستراتيجية الثورة التحريرية التي حافظت في مجملها على المبادئ الثورية التي من أجلها اندلع الكفاح التحرري. فالسيادة الوطنية على كامل التراب الجزائري، ووحدة الشعب الجزائري هي المبادئ الأساسية التي لا يمكن المساس بها مهما كانت المساومات.