منتدى انفاس الجزائر
اهلا عزيزي الزائر نتمنى تسجيلك فالمنتدى
منتدى انفاس الجزائر
اهلا عزيزي الزائر نتمنى تسجيلك فالمنتدى
منتدى انفاس الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى انفاس الجزائر

اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر في منتدى انفاس الجزائر التعليمي, ان كانت هده زيارتك الاولى يشرفنا ان تقوم بالتسجيل, منتديات انفاس الجزائر التعليمية في خدمتك
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
admin
*
*
admin


عدد المساهمات : 48
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/04/2017

 - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 Empty
مُساهمةموضوع: - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2    - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 I_icon_minitimeالسبت أبريل 15, 2017 8:41 am

 بسم الله الرحمن الرحيم
 -----------------------
• أولًا: المسبل إزاره:


أولًا: تعريفه:


الإسبال في اللغة:


الإرخاء والإرسال، يقال: أسبل إزاره؛ أي: أرخاه وأرسله إلى الأرض؛ (انظر: الصحاح: [5/1723]، وانظر النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة: (سبل)).


الإسبال: هو إرسال الشيء من علو إلى سفل؛ كإسبال الإزار؛ أي: إرخائه (ويدخل في ذلك الثوب والسراويل -ومنه البنطال لمن لبسه من الرجال- والقميص والمشلح)؛ لأنها جميعًا تندرج تحت أصل واحد، وهو إرخاء اللباس وإرساله بحيث يتجاوز الحد المقرر في النصوص الشرعية.


قال الحافظ رحمه الله في فتح الباري: "وقال الطبري: إنما ورد الخبر بلفظ الإزار؛ لأن أكثر الناس في عهده كانوا يلبَسون الإزار والأردية، فلما لبس الناس القميص والدراريع كان حكمها حكم الإزار في النهي؛ قال ابن بطال: هذا قياس صحيح لو لم يأتِ النص بالثوب، فإنه يشمل جميع ذلك، وفي تصوير جر العمامة نظر، إلا أن يكون المراد ما جرت به عادة العرب من إرخاء العذبات، فمهما زاد على العادة في ذلك كان من الإسبال" (الفتح: [16/331]).


وقال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري [31/429]: "قوله: من جر ثوبه يدخل فيه الإزار والرداء والقميص والسراويل والجبة والقَبَاء، وغير ذلك مما يسمى ثوبًا، بل ورد في الحديث دخول العمامة في ذلك..."، وانظر أيضًا (عون المعبود: [9/126]).


وقال ابن باز رحمه الله: "فالواجب على الرجل المسلم أن يتقي الله، وأن يرفع ملابسه، سواء كانت قميصًا أو إزارًا أو سراويل أو بشتًا، وألا تنزل عن الكعبين، والأفضل أن تكون ما بين نصف الساق إلى الكعب" (مجموع الفتاوى والمقالات: [6/350]، وبدخول البنطال في الإسبال قال شيخنا ابن عثيمين والألباني رحمهما الله تعالى، وأيضًا من فتاوى اللجنة الدائمة في ذلك راجع الفتوى رقم: [9390]، [19600]).


ولا يخرج تعريف الفقهاء عن هذا، ومنهم من وسع مفهومه فجعله يتناول الكُم؛ كأن يرسل كمه على يده حتى يتعدى الرسغ إلى شيء من الكف، ومنهم من يضيف أيضًا في مفهوم الإسبال ليتناول العمامة أيضًا؛ كألا يزاد في طولها وعرضها، وألا تتدلى ذؤابتها أكثر من شبر، ومن يدخل الكم والعمامة يستدلون بحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف وأبو داود في السنن [4094] والنسائي [5349/3] وابن ماجه [3576]، وغيرهم من طريق عبدالعزيز بن أبي رواد عن سالم بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلَاءَ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».


قال أبو بكر بن أبي شيبة: "ما أغربه"، وقال الحافظ في (الفتح: [10/262]): "وعبدالعزيز فيه مقال".


وعبدالعزيز فيه خلاف؛ من أهل العلم من وثقه فقبل روايته، ومنهم من ردها، والحديث صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه برقم: [3576]، والمشكاة برقم: [4332]، وصحيح الترغيب وصحيح أبي داود وغيرها من الكتب.


وسأسلط الضوء في هذه الأسطر على الإسبال في الثياب ونحوه؛ حيث إنها هي محور الحديث في الساحة اليوم.


ثانيًا: من الأحاديث الواردة في الإسبال:


أحاديث النهي عن الإسبال على قسمين:


• قسم مطلق: ومنه ما رواه البخاري في صحيحه مرفوعًا: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ» (صحيح البخاري؛ برقم: [5787]).


• وقسم مقيد بمن يجره خيلاء: ومنه ما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» (صحيح البخاري؛ برقم:[5788]، صحيح مسلم؛ برقم: [2087]).


• وقسم ورد في حادثة معينة اختلفت فيها وجهات النظر من حيث الاستدلال، منه ما رواه البخاري في صحيحه، وروى مسلم بعضه، من حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ» (صحيح البخاري؛ برقم: [5784]، صحيح مسلم؛ برقم: [2085]).
وهناك أحاديث أخرى لكنها تدخل ضمن أحد الأقسام السابقة.


ثالثًا: يستثنى من الخلاف أربعة أصناف:


قبل الشروع في الخلاف فإننا نستثني أربعة أصناف لا تدخل ضمن الخلاف، وهي:


الأول: من أسبل متقصدًا الخيلاء، فهذا بالإجماع أنه محرم، وأنه من كبائر الذنوب، فليس الكلام عليه في الخلاف القادم (انظر: المجموع: [3/176] [4/454]، المغني: [2/ 298]، وعده ابن حجر الهيثمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) من الكبائر؛ الكبيرة التاسعة بعد المائة: [1/351-354]، وانظر: طرح التثريب: [8/172]).


الثاني: من أسبل لضرورة لحقت به، فلا حرمة حينئذٍ، فهذا كمن أسبل إزاره على قدميه لمرض فيهما، ونحوه، وهذا كالترخيص في لبس الحرير للحكة ونحو ذلك، والقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، وأيضًا لا بد أن يؤخذ بقدر الضرورة؛ فالضرورة تقدر بقدرها.


الثالث: إسبال النساء؛ فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لهن بإرخاء ذيول ثيابهن شبرًا، استحبابًا، لستر القدمين، ويرخين ذراعًا إن احتجن لذلك، وإسبال النساء جائز بالإجماع، بل هو مشروع لستر القدمين.


عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا». فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: " «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» (جامع الترمذي؛ برقم: [1731])، رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، ورواه النسائي.


الرابع: الإسبال لعارض عرَض له وليس قصدًا، فلا بأس حينئذٍ بإسباله حتى يزول ما عرض له من نسيان، أو استعجال، أو فزع، أو حال غضب، أو استرخاء مع تعاهد له برفعه، كما في قصة استرخاء إزار أبي بكر رضي الله عنه؛ إذ كان يسترخي لنحافة جسمه رضي الله عنه فينجر، فيتعاهده برفعه.


ويدل على ذلك:


1- ما جاء في صحيح البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه قال: "خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ".. الحديث (صحيح البخاري؛ برقم: [5785]).


2- ما جاء في صحيح مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه في قصة حديث ذي اليدين في سهو النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العصر وفيه: "وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ".. الحديث (صحيح مسلم؛ برقم: [574]).


3- ما جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ» (صحيح البخاري؛ برقم: [5784]، صحيح مسلم؛ برقم: [2085]). ففي هذا الحديث أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه على ما قد يحصل منه من استرخاء إزاره من غير قصد عند عدم تعاهده، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك الاسترخاء لا يدخل في الخيلاء، وليس بذريعة إليه، فلم يدخل في النهي.
4- ما جاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قُباء، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ..».. الحديث (صحيح مسلم؛ برقم:[343]).


رابعًا: الخلاف في حكم الإسبال:


اختلف العلماء في حكم الإسبال من دون خيلاء على قولين:


القول الأول: أن الإسبال بدون قصد الخيلاء ليس محرمًا، وهذا قول جمهور العلماء من المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، على خلاف بينهم هل يكون مكروهًا أو جائزًا، ولكن لا يصل إلى حد التحريم.


واستدلوا:


1- بالأدلة السابقة ذكرها، وحملوا المطلق من الأحاديث في الإسبال -كحديث الباب مثلًا والأحاديث السابقة المطلقة- على الأحاديث المقيدة بمن يتخذه خيلاء، فقالوا: إن من يتخذه خيلاء هو المخاطب في جميع الأحاديث التي تنهى عن الإسبال.


2- الحديث الوارد في قصة أبي بكر؛ حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ».


ووجه الدلالة: أن المحرم من الإسبال هو ما كان للخيلاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر.


• قال ابن قدامة في (المغني: [2/298]): "ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل، فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حرم"؛ انتهى.


وقال النووي في (شرح مسلم: [14/62]): "لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه، وظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، وهكذا نص الشافعي على الفرق"؛ انتهى، (وانظر في ذلك: الآداب الشرعية لابن مفلح: [3/521]، والتمهيد لابن عبدالبر في: [3/244]، والمجموع للنووي: [3/177]، وشرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ ص: [361-362]).


والقول الثاني: أن الإسبال محرم مطلقًا، فإن كان خيلاء فهو أشد حرمة.


واختار هذا القول ابن العربي والقَرافي من المالكية، والذهبي وابن حجر من الشافعية، واختاره الصنعاني، وكتب في ذلك كتابًا سماه (استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال)، وهو اختيار أكثر علمائنا المعاصرين؛ كالألباني وابن باز، وشيخنا ابن عثيمين وابن جبرين والفوزان، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء وغيرهم.
 
واستدلوا:


بالأحاديث السابقة؛ حيث جاء بعضها مطلقًا بدون خيلاء، وبعضها مقيدًا بالخيلاء، قالوا: ولا يصح حمل المطلق على المقيد؛ لأن لكل حال عقوبته الخاصة به.


وأما الحديث الوارد في قصة أبي بكر فهي حادثة عين وقعت لأبي بكر، فهي خصوصية له، من جهتين:
الأول: أن أبا بكر رضي الله عنه ذكر أن ثوبه بنفسه يسترخي، وهو مع ذلك يتعاهده، ومن يسبل إزاره اليوم يتعمد الإسبال، فلا يلحق هذا بهذا، فالذي يسترخي ثوبه من غير قصد كأبي بكر لا يدخل في هذا الوعيد، بخلاف من تعمد ذلك.


الثاني: أن أبا بكر شهد له النبي صلى الله عليه وسلم وزكَّاه بأنه لم يصنع ذلك خيلاء، ومن يسبل اليوم من الذي يزكيه؟


قال ابن العربي في (عارضة الأحوذي: [7/238]): "لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول: لا أتكبر فيه؛ لأن النهي تناوله لفظًا، وتناول علته، ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكمًا فيقال: إني لست ممن يمتثله؛ لأن العلة ليست فيَّ؛ فإنها مخالفة للشريعة، ودعوى لا تسلم له، بل من تكبره يطيل ثوبه وإزاره، فكذبه معلوم في ذلك قطعًا"؛ انتهى.


وقال ابن حجر في (الفتح: [10/263]): "وأما الإسبال لغير خيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه..، وإن كان الثوب زائدًا على قدر لابسه فهذا قد يتجه المنع فيه من جهة الإسراف، فينتهي إلى التحريم، وقد يتجه المنع من جهة التشبه بالنساء، وهو أمكن فيه من الأول، وقد صحح الحاكم من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبَس لِبسة المرأة، وقد يتجه المنع من جهة أن لابسه لا يأمن من تعلق النجاسة به"(وانظر في ذلك سير أعلام النبلاء للذهبي: [3/234]، والمصدرين السابقين في عارضة الأحوذي والفتح، ومحاضرة للألباني تحت عنوان: الألبسة والأزياء في الإسلام، وأيضًا فتاوى شيخنا ابن عثيمين: [12/252]، وفتاوى اللجنة الدائمة فتوى رقم: [3826]، وفتوى رقم [9390]).


مما سبق يتلخص ما يلي:


أن الأحاديث الواردة فيها نوعان من العقوبة:


الأول: تعذيب المسبل في النار، وهذا التعذيب يتناول جزأه الأسفل من الكعبين الذي وقع فيه الإسبال.
ويدل عليه: ما رواه البخاري في صحيحه مرفوعًا: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ».


الثاني: حرمانه من نظر الله له يوم القيامة وتكليمه وتزكيته له، وله مع ذلك عذاب أليم.


ويدل عليه: حديث الباب، وأيضًا ما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا».


وموطن الخلاف بين القولين في:


هل يحمل المطلق على المقيد فتكون العقوبتان تتناولان حالًا واحدة، وهي من أسبل خيلاء (وهذا هو القول الأول)، أو أن العقوبتين تتناولان حالين مختلفتين: الأولى من أسبل بلا خيلاء، والثانية من أسبل مع خيلاء، فلا يحمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكم والسبب (وهذا هو القول الثاني).


والقول الراجح والله أعلم:


القول الثاني، وهو: أن الإسبال محرم على الإطلاق، فإن اتخذ ذلك خيلاء، فقد زاد العقوبة عقوبة أخرى.


ووجه الترجيح ما يلي:


أولًا: أنه من المعلوم عند الأصوليين أن حمل المطلق على المقيد إنما يكون إذا اتفق الحكم (وهو الفعل) والسبب، وأما إذا اختلفا فالأصوليون متفقون على امتناع حمل أحدهما على الآخر، ومسألة الإسبال ليست من هذا القبيل، ففي أحاديثها عندنا سببان وعقوبتان: السبب الأول: الإسبال وعقوبته النار، والسبب الثاني: الجر خيلاء -وهذا قدر زائدٌ عن الإسبال- وعقوبته ألا ينظر الله إليه؛ فالأحاديث المطلقة تبين حرمة الإسبال مطلقًا، وعقوبته النوع الأول من العقوبة السابق بيانها، والأحاديث المقيدة بينت عقوبة أخرى هي أشد من الأولى، وهي حرمانه من نظر الله إليه، وأما إذا أردنا أن نطبق حديث أبي ذر في الباب على قاعدة حمل المطلق على المقيد نجده حملًا صحيحًا؛ لأن العقوبتين لا تختلفان، فهما واحدة، ففي حديث الباب، وإن كان مطلقًا، لم يرد فيه الخيلاء، إلا أنه يحمل هنا المطلق على المقيد؛ لأن العقوبة واحدة، وهي حرمانه من نظر الله إليه.
ثالثًا: أن الخيلاء محرمة على الإطلاق، إلا في الحرب لإغاظة الأعداء، وسواء أسبل أم لم يسبل؛ فالخيلاء محرمة، وإذا كان الإسبال مباحًا، كما يقوله أصحاب القول الأول، فما فائدة قرنه بالخيلاء في الأحاديث الأخرى إذا علمنا أن الخيلاء في أصلها محرمة مطلقًا، فيكون ذكر الإسبال مع الخيلاء لغوًا، وهذا لا يقوله أحد؛ مما يدل على امتناع حمل المطلق على المقيد.


رابعًا: أن العقوبتين والحالين اجتمعتا في حديث واحد، وهذا من أقوى الأدلة في تحرير محل النزاع والله أعلم، وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: «إِزْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلَا حَرَجَ أَوْ لَا جُنَاحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ، مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ» (مسند أحمد؛ برقم: [11515]، وسنن أبو داود؛ برقم: [4093]، وسنن ابن ماجه؛ برقم: [3573]، وقال النووي في المجموع [4/ 456]: "إسناده صحيح"، وكذا صححه ابن دقيق العيد والألباني).


خامسًا: أن الخيلاء أمر قلبي لا يمكن لأحد أن يجزم به؛ لعدم اطلاعه عليه، وحينئذٍ لا يمكن لأحد أن ينكر على أحد؛ لأنه لا يعلم أفعله خيلاء أم لا؟ وحينئذٍ يتوجه السؤال عن الأدلة التي فيها إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على جمع من الصحابة، وهو القائل حينما قال له خالد بن الوليد رضي الله عنه: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» (صحيح مسلم؛ برقم: [1064]).


وأيضًا إنكار عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الغلام وهو في آخر لحظات حياته، وسيأتي إيراد الحديث، كيف يعرف الخيلاء حتى يتوجه الإنكار؟ ومتى نجزم أنهم فعلوا ذلك خيلاءً؟ كل ذلك يدل على أن أمر الخيلاء ليس شرطًا في حرمة الإسبال، وأن الأظهر والله أعلم أن الإسبال محرم مطلقًا، وهناك أوجه أخرى ذكرها أهل العلم وقالوا: هي في حد ذاتها تجعل الإسبال محرمًا؛ كالإسراف، والتشبه بالنساء، وملامسة النجاسة، ونحو ذلك من العلل التي ذكرها أهل العلم، وما تقدم من ذكر المسألة بأدلتها والخلاف فيها كافٍ بإذن الله لبيان الصواب.


قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: "وأحاديث النهي عن الإسبال بلغت مبلغ التواتر المعنوي، في الصحاح، والسنن، والمسانيد، وغيرها، برواية جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: العبادلة هنا: ابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وأبو هريرة، وأنس، وأبو ذر، وعائشة، وهبيب بن مغفل الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وسمرة بن جندب، وسفيان بن سهلٍ، وأبو أمامة، وعبيد بن خالدٍ، وأبو جري الهجيمي: جابر بن سليم، وابن الحنظلية، وعمرو بن الشريد، وعمرو بن زرارة، وعمرو بن فلانٍ الأنصاري، وخزيم بن فاتك الأسدي - رضي الله عنهم أجمعين، وجميعها تفيد النهي الصريح نهي تحريم؛ لما فيها من الوعيد الشديد، ومعلومٌ أن كل متوعد عليه بعقاب من نار، أو غضب، أو نحوها، فهو محرمٌ، وهو كبيرةٌ، ولا يقبل النسخ، ولا رفع حكمه، بل هو من الأحكام الشرعية المؤبدة في التحريم، و[الإسبال] هنا كذلك..، ولو كان النهي مقصورًا على قاصد الخيلاء غير مطلق، لما ساغ نهي المسلمين عن منكر الإسبال مطلقًا؛ لأن قصد الخيلاء من أعمال القلوب، لكن ثبت الإنكار على المسبل إسباله دون الالتفات إلى قصده؛ ولهذا أنكر صلى الله عليه وسلم على المسبل إسباله دون النظر في قصده الخيلاء أم لا، فقد أنكر صلى الله عليه وسلم على ابن عمر رضي الله عنهما وأنكر على جابر بن سليم، وعلى رجل من ثقيف، وعلى عمرو الأنصاري، فرفعوا رضي الله عنهم أزرهم إلى أنصاف سوقهم، وهذا يدلك بوضوح على أن الوصف بالخيلاء، وتقييد النهي به في بعض الأحاديث، إنما خرج مخرج الغالب، والقيد إذا خرج مخرج الأغلب، فإنه لا مفهوم له عند عامة الأصوليين" (انظر: كتاب (حد الثوب والإزرة وتحريم الإسبال ولباس الشهرة)).
**** 
 
طريق الاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Yasmineyasmina
::مراقبة عامة::
::مراقبة عامة::
Yasmineyasmina


عدد المساهمات : 61
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 22/03/2017
الموقع : الجزائر

 - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2    - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 I_icon_minitimeالسبت أبريل 15, 2017 8:54 am

بارك الله فيك. 
جعله الله في ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اية ايوتة
::مشرف عام::
::مشرف عام::
اية ايوتة


عدد المساهمات : 418
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 27/12/2016
العمر : 21

 - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2    - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 I_icon_minitimeالسبت أبريل 15, 2017 9:59 am

بارك الله فيك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://https-www-anfasalger.ahlamontada.com
foton
عضو بارز
عضو بارز
foton


عدد المساهمات : 258
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 07/03/2017
العمر : 20

 - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2    - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2 I_icon_minitimeالسبت مايو 20, 2017 12:28 pm

شكراااااااااااااااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
- شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  - شرح حديث «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» 1
» حديث اليوم
»  من هدي حديث نبوي كريم .. " ولاتأتوا ببهتان .. "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى انفاس الجزائر :: منتديات اسلامية :: منتدى الاسلامي العام-
انتقل الى: